في مكتبة رابطة الاجتماعيين
 
جولة في مكتبتنا
 
       وبعد مضي عام من عمر رابطتنا حاولت أن أقف قليلاً أمام مكتبتها لأنقل للأعضاء ما الذي تحتويه أرفف مكتبتهم لعلهم يجدون فيها المفيد من الكتب التخصصية والنشرات الدورية ، تساعدهم في بحوثهم واطلاعاتهم .       
 
وللحقيقة أقول إنني وجدت استعدادنا في العام الماضي كان منصبا على تهيئة مناطق سكن للكتب . وقد نجحنا بالفعل في تشييدها في ركن قاعة الاستقبال . وفي غرفة السكرتارية وهي في انتظار سكانها .
 
حسب سجل المكتبة يوجد لدينا ( 93 ) كتابا ومنشورا كانت معظمها هدية من مؤلفيها أو من وزارات الدولة .
 
هذا بالإضافة إلى ما اقتنته المكتبة هذا العام من روائع الكتب الغربية وعددها 54 كتاباً ، وفي احد أركان غرفة الاستقبال تجد ( دائرة المعارف البريطانية) ولنقف قليلاً أمام هذه الموسوعة العلمية الجامعة . ولنترك لرئيس تحريرها السير وليم هيلي يتحدث إليكم عن دائرة المعارف البريطانية.
 
يقول السير هيلي في عرض تقديمه لنفسه قال انه يشغل منصب رئيس التحرير , كان رئيسا لمجلة ( التايمز ) اللندنية ، كما يشغل منصب الرئيس العام لهيئة الاذاعة البريطانية .
 
ويقول عن هذه الموسوعة أنها تتسم بالتناقض الظاهري ، فمنذ خمسة وعشرين عاماً يمتلكها ويصدرها السناتور الأمريكي (بنتون) بينما أقوم أنا الانجليزي في الوقت الحاضر برئاسة تحريرها . وقد أدت هذه الحقيقة ببعض الناس إلى المناداة بتغيير اسمها وجعله ( دائرة المعارف لما عبر الأطلسي ) .
 
    ما هي حقيقة هذه الموسوعة العلمية التي عمرت حتى الآن اكثر من 200 عام..؟
 
    يقول السير وليم هيلي :
 
لقد كانت بدايتها في ادنبره عاصمة اسكتلندا ، فهناك أخذت ثلاث من الاسكتلنديين على عواتقهم في 1768. إصدار مجمل علمي في المعارف العامة ، وقد أصدروا مجملهم هذا في أجزاء شهرية وفي نهاية كل سنة كانوا يجمعون معاً الأجزاء الصادرة وينشرونها في مجلد واحد ، وبعد نشر المجموعة الأصلية التي تتألف من ثلاث مجلدات والتي أعدنا طبعها هذا العام بشكل أنيق مطابق للأصل تمام صدر منها ثلاث عشرة طبعة خلال المئة والسبعة والخمسين التالية .
 
وبعد صدور طبعة 1937 ابتدأت مرحلة ( التنقيح المتواصل ) فما الذي يعنيه هذا التنقيح ..؟
 
الواقع أن دائرة المعارف البريطانية تتألف في الوقت الحاضر من أربعة وعشرين مجلدا تشتمل على نحو ستة وثلاثين مليون كلمة ، وفي كل عام يعاد النظر في ما يقرب من ستة ملايين كلمة بقصد جعلها تطابق مجريات الأمور المعاصرة ، أما بالتبديل ، وأما بالتعديل ولتنفيذ هذه المهمة الشاقة يترتب فض الأربعة والعشرين مجلداً .
 
وقد سئل السير وليم هيلي عن كيفية انجاز هذه المهمة ؟
 
فأجاب بأنه لدى دائرة المعارف البريطانية عدداً كبيراً من موظفي التحرير فبالإضافة إلى أنا شخصياً ، كرئيس للتحرير والى اقرب الزملاء إلي منصباً من كبار الموظفين هناك محررون ، ومحررون مزاملون ومحررون مساعدون ، ورجال أبحاث ، وأمناء مكتبات ومدققو حقائق ، ويربو عدد فريق التحرير وحده على عدة مئات ، ولدينا في الوقت الحاضر أكثر من عشرة آلاف من أقطاب العلم منتشرون في جميع أجزاء المعمورة ، يشاركوننا عملنا . ( 1 )
 
رابطة الاجتماعيين تضيف إلى مكتبتها مجموعة أمهات الكتب في العالم الغربي
 
     من خصائص عصر التكنولوجيا أنه قد زاد من دوافعنا نحو التأمل والتفكير والاطلاع واقتحام حدود المعرفة اللانهائية ، على أن التفكير والاطلاع ليسا غاية في ذاتها فالقيمة العظمى ليست في امتصاص سلبي لحكمة الآخرين ولكن في إنماء المعرفة التي لدينا .. والاطلاع مع أنه فيه متعة ولذة ، إلا أنه يعمل على تنمية عادة التفكير الواضح السليم وترجمة ذلك الفكر إلى فعل متعلق هادف. وبذلك فقط يزداد التراث البشري كماً وكيفاً .
 
على أن هناك حدودا تقف عند حدود قدرة الإنسان الفرد في محاولته تدارس ومتابعة الفكر البشري عبر الأجيال العديدة التي سبقته. بل انه من اللامعقول أن يحاول الإنسان بمفرده متابعة آلاف السنين من جهد العقل البشري .
 
ولهذا كان لابد من أن يتولى مهمة عرض ذلك التراث أكثر من مفكر وعالم، وان يقدموه لنا في إطار يسمح لنا أن ننهل منه ، وأن يستمر حياً ليزيد من الحياة البشرية ثراء .
 
وهكذا نبعث فكرة إصدار مجموعة " أمهات الكتب " فمنذ سنوات مضت ، اسند إلى جماعة المفكرين والكتاب ، مهمة تقييم كل الكتابات الهامة في الحضارة الغربية ، ثم طلب منهم أن يختاروا منها تلك الأعمال التي يعتبرونها عظيمة بحق ، والتي يرون أنه لا غنى عنها لمكتبة المثقفين في القرن العشرين .
 
وقد اشتغل هؤلاء العلماء لسنوات عدة ، ولم تكن مهمتهم بالهينة ، إذ كان عليهم أن يقرؤا ويتدارسوا آلافاً من الأعمال أو المؤلفات .
 
وأخيراً انتهى هؤلاء العلماء إلى وضع قائمة تضم 443 عملاً أو مؤلفاً ، يمكن اعتبارها عظيمة بلا جدال ، وهذه الأعمال والمؤلفات كبتها 74 عالماً أو فيلسوفا عظيما على مدى ثلاثة آلاف عام من الفكر ، ابتداء من هو ميروس إلى وليم جيمس وسجموند فرويد ، وتتكون مجموعة " أمهات الكتب في الفكر الغربي" من 54 مجلداً تعتبر بحق سجلاً للفكر لدى الجنس البشري في العلوم والتاريخ واللاهوت والرياضيات والأدب وعلم النفس .
 
وفيها أثيرت التساؤلات الجوهرية حول الإنسان والعالم الذي يعيش فيه كما أنها أيضاً تقدم الإجابات الأساسية لمشكلات الإنسان .. وهكذا نجد في " أمهات الكتب " أعمال دستوفسكي ومن بينها الإخوة كارمازوف ، ونظام الكون الذي قدم له اسحق نيوتين ، ونجد اراء تشارلز دارون في " أصل الأنواع " وهو الكتاب الذي هز العالم في نظرية التطور ، وهناك أيضاً " المحاضرات التمهيدية في التحليل النفسي " حيث يقدم سيجموند فرويد أهم نظريات عن النفس البشرية ، كما تضم المجموعة أيضاً كتابات سيرفانس في مؤلفه المشهور " دون كيشوت " بمغامراته الطريفة مع تابعه .
 
ونجد انه له أعمق الأثر في عالم الاقتصاد ، وغيرها من أربعة وسبعين عالماً ومفكراً وتركوا آثارهم العظيمة كي نستفيد منها ونعمل على إنمائها والإضافة إليها .
 
ولكي يمكن الإفادة من " أمهات الكتب " بأفضل صورة ممكنه ، فقد رؤى فهرستها وفقا لما تتضمنه من أفكار وبمثل هذا التنظيم ، لم يعد على المرء أن يقرأ كل مجلد بأكمله ليستفيد أو يطلع على الأفكار التي يتضمنها المجلد ، وإنما ما عليه إلا أن يمسك بالفكرة التي تهمه ثم ينتقل من مجلد إلى آخر ومن مؤلف إلى كتاب أو غيره متتبعا نمو الفكرة عبر القرون والعديد منذ فجر المدنية إلى يومنا هذا، وبمثل هذا الطريقة يحصل الفرد على أقصى قدر ممكن من الفائدة مع اقل قدر من القراءة والجهد .
 
ولقد أطلق على فهرس الأفكار هذا لفظ ( ... ) وأسمت مجلة ( لايف ) هذه المهمة بـ " العمل الفكري الخالد " إذ أنه يمكن الآن بفضل هذا الفهرس أن نعرف آراء العلماء أمثال أفلاطون وأرسطو وتولستوي وفرويد حول الحب والفن والديمقراطية والعدالة وغيرها من أكثر 163000 فكرة أو موضوعاً .
 
وقد اقتضى إعداد هذا الفهرس قراءة 443 عملاً آلافا من المرات ، واسهم في هذا المشروع الضخم 75 عالماً لتنظيم الحكمة والمعرفة البشرية بحيث تصبح ميسورة في 102 فكرة أساسية ، واستغرق ذلك 400.000 ساعة من الجهد البشري في الدراسة للتعرف على كل موضوع ولإيجاد جواب لكل سؤال ، وانتهى العمل منه وإعداده بعد ثمان سنوات كي تكون " الفكرة " في متناول يدنا عندما نريد أن نبحثها وأن نتابع تطورها عبر السنين المختلفة ، ولدى العديد من الصفوة المختارة من العلماء .
 
وهكذا أصبح أمام الباحث منابع عدة وحصاداً منوعاً " ففي القاموس غايته ، وعندما يشغل " بحقائق أو وقائع "معينة فأنه واجد بغيته في دائرة المعارف ، والآن أصبح بمقدور الباحث أن يجد في فهرس الرأي منهلاً يتيح له دراسة "رأي أو فكره" ومتابعتها لدى العديد من العلماء ، وهو ما كانت تفتقر إليه المكتبة العامة .
 
وإذا كان الغرب قد استطاع أن ينظم معرفته وثقافته ، وإذا كان الغرب قد انفق من جهد ومال في سبيل وتنسيق وتنظيم تراثه الحضاري والحفاظ عليه وزيادته ثراء فأين نحن العرب من ذلك كله ، الم يحن الوقت كي تظهر أمهات الكتب في العالم العربي ، وأن يكون ذلك أكثر من نفض التراب عن تراثنا الحضاري ؟ .. مما لا شك فيه أننا في حاجة ملحة إلى الجهد يماثل ، ذلك الذي أثمر عن مجموعة أمهات الكتب في العالم الغربي .
 
فتراثنا العربي خليق بأن يبعث حياً ، بعد أن ذاق حلاوته ونهل منه أهل الغرب عندما نشطت حركة وترجمته إلى اللاتينية خلال قرون ثلاث بدأت منذ القرن الثاني عشر لميلادي .. وإذا تطلعنا حالمين بمجموعة أمهات الكتب في العالم العربي ، فأن الحلم يمتد بأخيلته لتصور تلك المجموعة وقد ضمت كتابا لعلماء مثل الطبيب والفيلسوف وعالم النفس أبوعلي الحسين بن سينا في مؤلفاته " القانون في الطب " و " الشفا " ، وذكا كتابي " الحاوي " و " المنصوري " لأعظم طبيب في العالم الإسلامي أبوبكر محمد الرازي .
 
وفي الرياضيات كتاب " الجبر والمقابلة " لصاحبه محمد بن موسى الخورازمي ، وهل يمكن تصور إلا أن تضم تلك المجموعة كتب ابن رشد في " النفس " وشروحه لأرسطو وفي المجال الفلسفي أيضاً يفرض أبوالنصر الفارابي وجوده باعتباره المعلم الثاني بعد أرسطو ، بكتابه " آراء أهل المدينة الفاضلة " والذي سبق عصره بزمان قفز به إلى موضوعات هي حاليا من مباحث علم النفس والاجتماع ، وتمتد الأماني لان تضم مجموعة أمهات الكتب في عالمنا العربي "مقدمة ابن خلدون " تلك التي قال عنها ارنولد توينبي " قد وضع ابن خلدون في مقدمته فلسفة للتاريخ لا شك أنه أعظم عمل من نوعه ابتكره عقل في أي زمان أو مكان . وإذا كانت أعمال شيخ المؤرخين عبد الرحمن الجبرتي قد ترجمت إلى الفرنسية في تسعة أجزاء ( 1888 – 1896م ) فان ذلك ادعى لأن تضمها مجموعتنا هذه ، ولقد كان أبوالريحان محمد بن احمد البيروتي فيلسوفا ومؤرخاً وفلكيا ومشتغلاً بالرياضيات له عمله المعروف " الآثار الباقية " في التقاويم الفلكية، وللمسعودي موسوعة تاريخية جغرافية هي " مروج الذهب ومعادن الجواهر " ، وللشريف والجهد ، فلم تعد تلك الأعمال العظام بمكنة فرد أن يضطلع وحده القيام بها .
 
(1) نقلاً عن نشرة الرابطة ، العدد 28، السنة الثانية 18/11/1968.
 
تعريف مكتبة رابطة الاجتماعيين
 
   • بدأ تكوين المكتبة في الرابطة منذ تأسيسها عام 1967م، بـ ( 93 ) كتابا وازداد هذا العدد عام 1970م، إلى ( 500 )  كتاباً وبلغ الآن ( 2000 ) كتاباً.  
   • تسعى الرابطة جاهدة أن تعطي مكتبتها طابعا خاصا مميزا لها ، بحيث تضم جانبا وثائقيا خاصا يصور مراحل تطورالكويت وتقدمها في حياتها العصرية الحديثة من الناحية الثقافية والعمرانية والتنظيمية والتشريعية بحيث يمكننا رصد وتتبع كافة خطوات التقدم في تلك المجالات .
   
** صدر بمناسبة انتقال الرابطة إلى مقرها الجديد في العديلية بتاريخ 13/8/1973.
 
 والله الموفقق
الطبعة الثانية 1988